الخميس، 29 سبتمبر 2011

اكوا بارك







-"ارتفاعنا شاهق ، استغرقنا وقتا طويلا في الصعود" قالها جابر ناظرا لأسفل
أومأ اليه صابر موافقا وحاملا العوامة التي سيستقلان الإعصار بمساعدتها ، والإعصار كما يدل اسمه هو دُرّة الألعاب المائية العالمية ، يحتوي الكثير من المنعطفات الخطرة ووحده سُلَمه يمنع النزول منه ثانية بعد الصعود.


معدودون هم من ارتقوا لهذا المكان وكم تصاغ حكايات بالأسفل عن خصال كريمة للشجعان من مجربي الإعصار ، وكم تصاغ أيضا عن الجبناء من لا يحتملوه وعن مصابيه الذين تفلت أياديهم أثناء النزول.

والحقيقة ان تلك المخاوف من حكايات الرعب الشديد التي تُروى في الأسفل سيطرت على عقل صابر تماما وتعلقت عيونه على قطرات الماء المنتحرة  وأقترب وأحنى  رأسه لأسفل عند حافة الإعصار متأملاً صعوبة الإنحدار ليقول
--"هذا جنون .. إننا سنسقط رأسيا"
-"لا تقلق .. كيف عاش من ينعمون في حمام السباحة الآن؟"
--"البعض يعانون أيضاَ في المستشفى."
-"لم يلتزموا بالتعليمات المعطاة بالتأكيد."
--"سأنسحب!"
-"كيف ؟! .. أستحتمل أن تقضى واقفا هنا باقي الوقت؟"
--"أفضله على إحتمال الألم في المستشفى."
-"لن يكون ذلك حلا بل نوعا من التأجيل .. القرار أُتخذ بالأسفل."
 وأستطرد "أنظر حمام سباحة راكبي الإعصار ،إنه الأفضل على الإطلاق."


ساد صمت لثوان دام لصابر دوام عمره الماضِ  وهو يحول عينيه بين مشاهد حمام السباحة والإنحدار المرعب وجابر الذي يحضر العوامة ويجهز وضعيته للنزول حتي وجد صابر نفسه يمد يده لجابر الذي كان يدعوه ليأخذ وضعه هو الآخر.

وما ان جلس صابر حتى علت مكبرات الصوت بالإعلان عن راكبين جديدين للإعصار ، وبدأ جميع الموجودين في الأسفل وفي حمام السباحة بالتجمع لمشاهدة المغامرة.


كم كان جابر ينتظر تلك اللحظة كلما كان يشهد بالأسفل مغامرة جديدة ، كم زيف بخياله نشوة هذا الإنتصار وهو بين السالمين ، كم انتقد آداء المغامرين وتحدث عن نفسه يوم أن يفعلها. ها هي صورته في المقدمة تزين الشاشات العملاقة بسمرتة  وشعره الأسود وعيناه اللامعتان حتى خُيَّل له انه يرى نفسه لأول مرة ، فرفع يده وعيناه الى الشاشة حتى تعالت أصوات الحشود بالأسفل التي ظنت انه يحييها فلم يخيب جابر ظنهم ، أخيرًا سيأخذ ما يستحقه ، لم تناسبه الحياة بالأسفل لحظة واحدة ، هو لا ينتمي لذاك العالم السفلي ، وما اليوم إلا مجرد تأكيد لأستحقاقه المعروف مسبقًا.


لكن صدمت عيناه لما عادت للشاشة ليشهد شحوب رفيقه وإنطفاء بريق عينيه ، ويظهر انعكاس ذلك على الحشود بالأسفل. أحس جابر بضياع حلمه وإلتفت الى رفيقه لتلتقي عيناهما ويبدأ صابر في الاستناد على ساعديه للوقوف فيمسكه جابر بعنف " أنها لحظتنا."


ولم ينتظر من رفيقه جوابا ، دفع جابر العوامة لتبدأ في الميل لتحضر للسقوط الرأسي الذي يُميَز الإعصار في بدايته ليختلط صراخ نشوة جابر بصراخ رعب صابر وتترك العوامة أخيرًا الأرض الأفقية وتنعدم إمكانية العودة.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعطوا عذرًا لحلم الثوار للبلاد فالأرض تتزلزل لتعتدل طبقاتها.
ورفقًا بمن لا يحتملون ضريبة الثورة ، فقد أتخذتم قرارا يدفع الجميع ضريبته.

Sharon Jones - She ain't a child no more