الصورة من ألبوم Mustafa Elhabashy
الجزء الثاني
الجزء الثالث
أخيرًا أُنجزت المهمة ، وجدت مكانًا مناسبًا للإقامة ، نقلت كل ما إستطعت لأبدأ مرحلة جديدة من الإقامة الطويلة بالقاهرة بخلاف السنوات الثلاث الماضية من الإقامة لفترات قصيرة متقطعة. العثور على هذا الشقة إنجاز بكل المقاييس ، شقة وحيدة في طابقها ، والطابق أسفلها خالٍ من السكان ما يناسب صخب حياة عازف "درامز" يقضي أغلب الليل في العزف والتمرين ، قريبة من أماكن سكن و تسجيل الأصدقاء مما يوفر عناء الإنتقالات ، إيجار بخس بالنظر الى موقعه في قلب مصر الجديدة بميدان الإسماعيلية ، لا يوجد في البيت إلا عائلة عم عابد حارس العقار في الطابق السفلي والسيدة صاحبة البيت وخادمتها رزقة في الطابق الأول ، أحسست معهم جميعًا بمودة حتى العجوز صاحبة البيت التي رأتني على باب شقتها فأومأت لعم عابد موافقة وإستدارت دون أن تنبس ببنت شفة ، وكان بمثابة إمضاءها على عقد الإيجار ، لم يتبق بعد هذه الإيماءه سوى بعض التفاصيل إتفقت عليها مع عم عابد.
أغلقت بابها علىَّ للمرة الأولى ووجدت في أحد أركانها كرسي هزاز قررت إلتقاط أنفاسي عليه ، يبدو حقير الهيئة من بعيد لكنه متين ، مشغول بالصدف في تكوينات سداسية بديعة ، أو ستبدو بديعة بدون تلك الطبقات المتحجرة من الأتربة ، رفعت قدمي على المنضدة الصدفية الصغيرة المشغولة بنفس التكوينات ، وأسلمت رأسي لمسند الرأس وإفتعلت هزة صغيرة محاولاً الإسترخاء قبل عملية تفريغ الحقائب والصناديق التي تتراكم فوق بعضها أمامي ، تظهر في وسط السقف دائرة مزخرفة بنجوم بارزة ، من أطرافها تتدلى ثلاث سلاسل تمسك دائرة حديدية جوفاء معلق فيها دائرة أخرى أقل سمكًا مسننة من الداخل ومثبت عليها من الأسفل قواعد مصابيح مكسورة جميعها عدا واحدة فقط يشع ضوء مصباحها خجلاً بين الأتربة ، وفي أركان السقف الأربعة نهايات مخروطية الشكل تهبط على أربعة أعمدة يظهر ربع دورانها فقط حتى يتوارى في الحائط.
الشقة مقسمة على نحو عجيب ، هي غرفة واحدة واسعة ، وغرفة أخرى ضيقة ، وحمام و مطبخ ، لن أستطع إذًا تركيب الطبول إلا في الغرفة الكبرى ، لكن على أولاً أن أدفع الدولاب في طرف الغرفة بدلًا من وسطها لأحقق الإستغلال الأمثل للمساحة ، لكن كيف أنقله ، وهو ثقيل كحجر سيزيف!
بدأت أفصل أجزاءه عن بعضها ، أزلت أولاً القطع العرضية وبدأت الدفع بلا فائدة ، ففصلت الأبواب أيضًا و دفعت بكل قوتي حتى أحسست بالدماء تندفع في رأسي ، يؤلمني الصداع كنبضات تزداد مع الدفع ، بدأ يتحرك قليلًا وأنا مستمر في الدفع ، وفجأة سمعت صوت كسر ، نظرت فزعًا لأرى جانب الدولاب قد مال ساقطًا على المخروط في جانب الحائط وتركه مكسورًا.
رفعت هذا الجزء اللعين من الدولاب ووضعته جانبًا ، وأخذت أجمع أشلاء المخروط من الأرض ، يا إلهي! أهكذا يسير أول أيامي هنا؟! كيف سأصلحه؟! لابد أن أستعين ببعض الأصدقاء هنا ، ماذا لو لاحظ أحد الكسر الذي فعلت؟! لابد أنهم سمعوا الصوت و سأسمع طرقاتهم الآن.
وجدت شيئًا وسط أجزاء المخروط ، قطعة صغيرة مصنوعة من مادة حجرية ، قطعة من سنبلة قمح ، نظرت الى أعلى ، للجزء المكسور في القمع فوجدته يخفي تحته شيئًا آخر لابد أن تلك السنبلة قطعة منه!
..... يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق