من كتاب وصف مصر -الجزء الأول (المصريون المحدثون)
الفصل الثالث (عن الانسان المصري في طور الرجولة)
6-الطباع
"المصري خجول بطبعه ، وهو يتفادى الخطر بقدر ما يستطيع . لكنه - ما ان يجد نفسه وسط المخاطر بالرغم من حيطته - يبدي همة ما كنت تظن في البداية انها لديه ، وليس ثمة ما يساوي رباطة جأشه وفي نفس الوقت تواكله ، وقد واتتنا الفرصة لتسجيل هذه الملاحظة عدة مرات أثناء حملتنا ، وهذا ما يبرهن عما سبق ان قلناه من أن اصلاح مساوىء نظام الحكم سوف يؤدى بسهولة فائقة ، الى ان يرد لذلك الشعب كل الفضائل التي فقدها ، بل والتي لا يظنها هو نفسه كامنة فيه. كما ان ذلك سوف يوقظ فيه كل مشاعر النبل والهمة وعظمة الروح التي خنقتها الى حين تلك الانظمة الشيطانية التي يرزح تحت نيرها ، اذ تعمل تلك الانظمة الخبيثة على تدمير اخلاقيات الافراد بشكل محزن ، ومن هنا ، ذلك الشح الوضيع الذي يلاحظ عند ابناء الطبقة الدنيا من المجتمع ، وذلك الرياء الذي نجده لدى كل افراد المجتمع . فحيث ان المصري يلقى الهوان في طاعة الكبار ، الذين يعرفون تماما معنى تلك السلطة التي في حوزتهم التي لا حدود لها والذين يتحكم في خيلاؤهم الشرس ، فأن المصري يحمل بين جوانحه روحا منكسرة تشي عن نفسها في كل حركاته وإيماءاته فيتذلل ويتحسس كلماته مع كل من يخشى قوتهم ونفوذهم ، وعندما يتاح له أن يدرج في مصاف الأثرياء ، فأنه يعمل على إشعار البؤساء الذين يأتمرون بأمره بوطأة استعلائه وتحكمه ، وتلك نتيجة طبيعية للتربية التي تلقاها وللأمثلة التي رآها في حياته والتي آن الاوان ان يحتذي بها ."
لا يحتاج النص لأدنى تعليق.