في تمام التاسعة صباحًا مر سنا الشمس من الشق الضيق الذي أحدثه إرتفاع العمارات الشاهقة ليخترق زجاج غرفة نوم آخر بيوت الشارع القديمة ، ويضيء وجه وديد شحاتة النائم في سريره النحاسي ، فيستيقظ محدثًا صوت الازيز الذي يقلق كل من لم يعتد السرائر النحاسية على ثباته ويزيح الناموسية ، يرتب السرير والأغطية ويضع الوسادة في الوسط ، يرتدي الروب دي شامبر ، يدير قرص الراديو الخشبي بحثا ... " أعزائي عشاق الموسيقى الكلاسيكية نقدم لكم كونشرتو الفيولينة لسيبستيان باخ على سلم مي الكبير .... " ، يحكم اغلاق النافذة خشية ان يختلط صوت المنزل بصوت الخارج ، يدخل الى الحمام ويتحسس ذقنه ، يكسر الموس لشطرين ويضع احدهم على المرآة والآخر في ماكينة الحلاقة ، ويحلق ، يصل للمطبخ يمسك بعلبة السردين المكتوب عليها سهلة الفتح فيقلبها ويدير قرص الفتاحة بعد أن ثبتها ، يأكل ، يتفنن في صناعة قهوته ، تقاطعه طرقات الباب.
الطارق: جاهز يا أستاذ وديد.
وديد: خمس دقايق يا حاج ، اتفضل اقعد.
وديد: اللوحة دي والدي إشتراها من باريس أيام البعثة بميت فرنك.
الطارق: متاخدها معاك.
وديد: لا. أنا سبق وقلتلك شروطي.
الطارق: إطفي الراديو طيب.
وديد: لا سيبه.
القهوجي: الاستاذ وديد آخر واحد ساب البيت ، بقالهم 5 سنين بيتحايلوا عليه وكان رافض وموافقش الا لما البيت بقى خطر ومعاهوش فلوس ينكسه ، بس الحاج صاحب الارض عرض عليه شقة في العمارة اللي قدامها .. راجل محترم.
المحصل: هو اللي لابس بدله ده؟
القهوجي: أيوة هو ده ، كان المفروض البيت يتهد امبارح بس طلب انه يبات فيه آخر ليلة ، وأصر انه مياخدش العفش من البيت ويسيبه يتهد بيه.
المحصل: حرام .... هو اتجنن ، امال هيفرش الشقة التانية ازاي؟!
القهوجي: لا مش مجنون ، جايز يكون عايز يمحي أي ذكرى انه فرط في البيت ، أو بيعاقب نفسه إنه باعه ، أصله حاسس بالذنب ناحية جده وأبوه ، بس هي الدنيا كدة.
Yann Tiersen - J'y suis jamais alle (Amelie soundtrack)
هناك تعليقان (2):
ازيك يا أندرو
و اخبارك فى الجيش أيه ؟؟
البوست وجعلى قلبى و انا مش ناقص يا عم
لكن الموسيقى خففت من حدة البوست عندى انا
(:
تمام يا رامي .. بخير
وآسف على وجع القلب بس هي جت كدة
إرسال تعليق